الابنية الخضراء

الأبنية الخضراء
(الشرح في هذا الموضوع سيكون على أربعة أجزاء, كل جزء منها يمثل نصا ل مقطع فيديو توضيحي)
الجزء الأول: مقدمة عن الأبنية الخضراء.
شهد العالم في القرن الماضي ثورة عملاقة في عالم البناء والتشييد, اذ ان المباني الخرسانية والمعدنية باتت عنصرا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه في أي مجتمع, ومع التزايد الهائل في انشاء المباني للاستخدامات المتعددة و بنوعيها المباني المنخفضة والمرتفعة ظهرت مشاكل عديدة أهمها ارتفاع كلفة البناء, وارتفاع تكاليف انتاج الطاقة اذ بات تزويد هذه المباني بالطاقة عبئا على شركات الكهرباء , ولا ننسى مشكلة شح المياه اذ ان زيادة عدد السكان سيرافقه بالضرورة زيادة الطلب على الموارد المائية, ولا ننسى المشكلة الأكبر وهي التلوث البيئي الناتج عن تصنيع مواد البناء المختلفة.

من هنا بدا البحث عن حلول لهذه المشاكل، وكانت النتيجة هي ان توصل الباحثون والمهندسون الى نوع جديد من المباني يعد نقلة نوعية في عالم البناء , وهي الأبنية الخضراء التي تتصف بتوفيرها للطاقة والمياه و تتصف ب انخفاض كلفتها مقارنة بالمباني العادية, سيكون حديثنا عن هذه المباني وسنتناول بالتفصيل الية توفيرها للطاقة والمياه والكلفة .

الجزء الثاني: المباني الخضراء وتوفير الطاقة.
كثيرا ما نلاحظ في منازلنا القيمة المرتفعة لفواتير الكهرباء, وكثيرا ما نحاول جاهدين ل خفضها اما ب التقليل من استعمال بعض الأجهزة الكهربائية او ربما الاستغناء عن بعضها نهائيا, ولكن, هل برأيكم يعتبر هذا حلا ؟! الجواب بالطبع لا , من هنا جاءت بعض تطبيقات المباني الخضراء للتقليل من مصروفات الطاقة المتمثلة بمصاريف الكهرباء و التدفئة , حسنا فيما يتعلق بالكهرباء ف قد تم تصميم الواح للاستفادة من الطاقة الشمسية وتحويلها الى كهرباء قادرة على تغطية احتياجات السكان اليومية كاملة و الكلفة المدفوعة هي فقط كلفة التركيب لمرة واحدة و كلفة الصيانة اذا دعت الحاجة, يعد هذا التطبيق من اهم تطبيقات المباني الخضراء وأكثرها انتشارا حيث أصبحت الكثير من الدول تتجه نحو تحويل استهلاكها من الطاقة الى الطاقة الشمسية , كما تم التوصل الى مصابيح موفرة للطاقة او ما يعرف ب انارة (LED), هذا فيما يتعلق بالكهرباء , اما فيما يتعلق بالتقليل من كلفة التدفئة ف ان من تطبيقات المباني الخضراء هو استخدام أنظمة العزل للتقليل من فقدان الحرارة من المبنى, مما يقلل الحاجة الى مصادر التدفئة , ومن أنواع العزل : العزل الحراري للجدران والأسقف استخدام النوافذ المزدوجة العازلة للحرارة والصوت.

وقد اثبتت هذه الطرق فاعليتها بتقليل الكلفة بنسبة 100% , وهذا يعد نجاحا منقطع النظير سيفتح افاقا امام الاستفادة من هذه الطاقة المتجددة رخيصة الثمن و الأهم انها صديقة جدا للبيئة على عكس مصادر الطاقة الناتجة عن حرق الوقود, وهذا يعطيها ميزة إضافية, وليكن شعارنا هنا أصدقاء للبيئة أعداء التكلفة .

الجزء الثالث: المباني الخضراء وتوفير استهلاك الموارد المائية.
لا يخفى على احد ما يمر به العالم اجمع من نقص في الموارد المائية الصالحة للشرب،اذ بالرغم من ان قرابة ثلثي مساحة الكرة الأرضية من الماء الا ان الغالبية العظمى من هذه المياه هي مياه مالحة لا تصلح للاستهلاك البشري, من هنا توجهت الحكومات الى البحث عن طرق للتوفير من هدر هذا المورد الحيوي المهم جدا , وتوصلوا الى ان ثاني افضل مصدر للمياه هي المياه المعاد تدويرها .

ليس هذا ف حسب، ف بعد الدراسة تبين ان غالبية المياه الناتجة عن الامطار تضيع دون فائدة على شكل جريان سطحي ينتهي به المطاف في جوف الأرض , مما يعني ان استفادتنا منه قليلة.

من هنا توجهت الدراسات الى إيجاد حلول للاستفادة من مياه الامطار والمياه المعاد تدويرها, وكان من تطبيقات المباني الخضراء انشاء بئر لتجميع مياه الامطار يتم تغذيته من أماكن تجميع منتشرة في كامل المبنى , حيث يتم تجميع هذه المياه وضخها باستخدام مضخة واستخدامها للاستخدامات المنزلية المختلفة او يتم استخدامها في ري المزروعات البيتية, بدا تطبيق هذا الاقتراح في بلداننا العربية وفي الأردن, لكن لا يزال انتشاره ضيقا نظرا لان كلفة انشاء نظام التجميع قد تكون مرتفعة من وجهة نظر السكان, لكن مما لا شك فيه ان هذا النظام بات ضرورة ملحة في ظل ازمة المياه التي نعيشها في بلداننا .

اما في ما يتعلق بالاستفادة من المياه العادمة المعاد تدويرها, ف قد تم تطبيق نظام لمعالجة المياه العادمة بالفعل على مستوى الدولة, لكن ما زالت الاستفادة من هذه المياه قليلة جدا حيث ان معالجتها تكون بهدف إعادة ضخها بشكل امن الى البيئة لا الاستفادة منها, مما يعني اننا نكاد لا نستفيد منها الا الشيء القليل , من تطبيقات المباني الخضراء الغير منتشرة في بلداننا هي أنظمة معالجة المياه المنزلية, حيث يتم انشاء محطة تنقية مصغرة تحت الأرض تقوم بتنقية المياه العادمة وإعادة ضخها بطريقة امنة واستخدامها مرة أخرى في ري المزروعات او في الاستخدامات الأخرى المناسبة حسب درجة التنقية, لا يزال هذا التطبيق قليلا او شبه معدوم في وطننا العربي اجمالا نظرا لثقافة الشعوب وقلة وعيهم في هذا المجال واعتقادهم ان المياه العادمة لا يمكن ان تكون صالحة للاستخدام با شكل من الاشكال, وهذا بالتأكيد خطا فادح.

ومن هنا نختم هذا الجزء برسالة الى كل من هو معني بشأن المياه من المسؤولين، لا بد من زيادة التوعية المائية للمواطنين للحفاظ على هذا المورد الذي هو عصب حياتنا, ولنتذكر دائما ان درهم وقاية خير من قنطار علاج.

الجزء الرابع: المباني الخضراء واثرها على البيئة .
لا يخفى على احد مشكلة هذا الكوكب العظيمة التي اطلق عليها العلماء اسم الاحتباس الحراري, اذ لا يزال هذا الكابوس يؤرق شعوب الدول المتقدمة والنامية على حد سواء, اذ ان ضرر هذه المشكلة لا يقتصر على بلد دون اخر بل يعم على سائر الكوكب.

و ك غيرها من الصناعات, ف ان صناعات مواد البناء تعد من الصناعات التي تنبعث من مخلفاتها مواد ضارة بالبيئة , ويكمن ضررها ب انبعاثات غاز الكربون , لم يغفل الباحثون في مجال الأبنية الخضراء عن هذه المشكلة, بل خصصوا من ضمن ابحاثهم جانبا للتقليل من انبعاثات الكربون, وتكمن هذه التطبيقات في استخدام المواد المعاد تدويرها مثل الحصى المعاد تدويرها من كسر الخرسانة ومخلفاتها , و استخدام مواد ذات انبعاثات كربونية قليلة او شبه معدومة مثل استخدام الطوب الأبيض الخفيف بدلا من الطوب العادي , واستخدام مادة البوليايثيلين بدلا من استخدام البوليسترين وغيرها من المواد في العزل .

وعلى صعيد اخر ف انه من باب تسميتها بالأبنية الخضراء ف من اهم تطبيقاتها البيئية هي المناطق الخضراء التي يعمل المعماريون على زيادة نسبتها في هذا النوع من المباني لتعمل ك فلاتر للهواء وتعطي منظرا مميزا اخضر للمبنى.

في الختام هل لا زلت راضيا عن منزلك على طبيعته الحالية؟! ام انه حان الوقت ليتحول منزلك الى منزل اخضر؟


Comments

Popular posts from this blog

تحميل برنامج ABAQUS مع الكراك و طريقة التفعيل