التسويق الهرمي

في ظل الازمة الاقتصادية التي يمر بها الأردن، و في ظل ازدياد نسبة البطالة و اعداد العاطلين عن العمل, ظهرت احدى الطرق الجديدة لنشر التسويق الهرمي بشكل اقرب الى الخداع والتحايل على الشباب الباحثين عن العمل.

في البداية ,لا بد من تعريف التسويق الهرمي ليكون واضحا لمن يقرأ هذا المقال, التسويق الهرمي هو فكرة تقوم على اقناع العميل انه باستثمار مبلغ قليل من المال لدى احدى الشركات التي غالبا ما تكون بمسمى وهمي سوف يحصل على مردود مادي عالي جدا او لربما يكون خياليا بالنسبة للعميل, الامر الذي يغري أي شخص بالاشتراك في هذه العملية, ليكتشف بعدها العميل انه يجب عليه استدراج ضحايا جدد ليشتركوا في هذه العملية ليسترد ما دفعه من مال , فيقوم العميل بإقناع معارفه واقاربه بالانضمام الى هذه الشركات مستخدما نفس الحيل التي تم خداعه بها , وهنا يزيد عدد المشتركين في هذه الدوامة ظنا منهم انهم سيحصلون في النهاية على ذلك المردود المالي الضخم ليكتشفوا في النهاية انها لم تكن الا خدعة للإيقاع بهم .

في هذا المقال سأستعرض قصة واقعية يرويها احد الأشخاص الذين تم الإيقاع بهم في هذه الشباك العنكبوتية التي تدعى بالتسويق الهرمي, يروي لنا الشاب انه في رحلة بحثه عن عمل قرا احد الإعلانات عن توفر شاغر بساعات عمل تتراوح بين ال 4-5 ساعات عمل يومية و برواتب مغرية , وما كان منه الا ان تواصل مع الرقم المدرج في اخر الإعلان , وكان الرد هو ان طلب منه صاحب الرقم الحضور الى اجتماع في قاعة في احد الفنادق لأجراء المقابلة , وأضاف انه سيتم تحصيل مبلغ رمزي قيمته 10 دنانير من كل متقدم للتأكد من جديتهم في العمل.

و ما ان حضر الشاب الى الاجتماع حتى دخل الى القاعة رجل بملابس رسمية انيقة و عرف عن نفسه وبدا يشرح لهم عن الوضع الاقتصادي ثم بدا يروي لهم قصص النجاح الوهمية التي يستدرجون بها الشباب الذي بات كل امله الحصول على لقمة العيش, وأضاف انه من خلال العمل معهم سيتحولون من باحثين عن عمل الى رياديين في الاعمال , وبدا يشرح لهم عن أهمية عامل التسويق في تطور الشركات و كيف انه بإمكانهم تحصيل رواتب مجزية جدا من خلال الدخول الى هذا العالم الوهمي , وفي نهاية كلامه اخبرهم بان هناك مقابلة ثانية سوف تعقد لهم بعد مدة من الزمن, خرج الشاب وكله طموح وامل بان باب الفرج قد فتح له, بل وبدا بالتخطيط لمستقبله منذ تلك اللحظة, في المقابلة الثانية حضر الشاب ومعه عدد كبير من الشباب والشابات من من لهم نفس الطموح والغاية , وبالطبع قاموا بدفع مبلغ ال 10 دنانير للمرة الثانية, ليأتي شخص اخر غير الذي حضر لهم في المرة الأولى , كان الشخص الثاني ملهما جدا لهم واقنعهم بنفس الفكرة واخبرهم بانه تم قبولهم للبدء بالعمل.

لاحظوا انه في المقابلتين لم يذكر أي تفاصيل واقعية عن العمل, بل كان وهما في وهم , وما ان بدا العمل حتى اكتشف الشاب ان وظيفته هي اقناع اشخاص اخرين بالدخول الى الشركة ليرتفع منصبه فيها , ولم ينتهي الامر الى هذا الحد بل اقنعوه انه في بداية الامر قد يدفع مصاريفه من جيبه الشخصي لبضعة اشهر ثم سينهال عليه المال الكثير من ثمار تعبه.

أضاف الشاب انه اصبح يثق بهم جدا واصبح جادا مجتهدا في العمل , الذي ما هو الا بيع للوهم , الى ان جاءه احد زملائه واقنعه بشراء نوع معين من البضائع بثمن معين, واخبره انه سيبيعه بأضعاف مضاعفة من سعر التكلفة, و بطبيعة الحال كان له اثر السحر على عقل هذا الشاب فهم بارعون جدا في الإيقاع بضحاياهم.

وفعلا قام الشاب بشراء هذه البضاعة ليكتشف فيما بعد انها لا تساوي حتى قيمة الشراء , وعندما عاد الى نفس الشخص الذي قام بإقناعه بشرائها اخبره انها لا تساوي اكثر من مبلغ 200 ديناء, علما انه قد اشتراها بمبلغ ال 1000 دينار .

هنا اقتنع الشاب انه وقع ضحية لعملية نصب منمقة جدا , بل واكتشف ان جميع العاملين في هذه الشركة ما هم الا ضحايا مثله , وان المستفيدين الوحيدين هم فئة قليلة جدا من الأشخاص .

دعونا نتأمل جيدا الموقف، قد يظن البعض انها غلطة الشباب الذين اقتنعوا بهذه الأفكار من البداية, لكن دعونا نضع انفسنا مكانهم للحظة , في ظل ما يعانيه العاطل عن العمل يصبح اشبه بالغريق الذي يتعلق بقشة, بل ربما لو كان القارئ مكان هذا الشاب لاقتنع بكلامهم اذا لم يكن فعلا قد مر بتجربة مشابهة.

انها ليست المرة الأولى ولا الأخيرة، وليست الشركة الوحيدة , يبقى التساؤل المهم هنا هو اين الدور الحكومي للحد من أمثال هذه الشركات الوهمية التي تصول وتجول تتلاعب ب آمال شبابنا البائس؟

من هنا كان واجبا علي في هذا المقال نشر التوعية حول هذا النوع من العمل اللا أخلاقي والمبني على النصب والاحتيال وتحذير الشباب منه.

وفي الختام لا يسعني الا ان أقول من جد وجد، لا احد يتقاضى اتعابا بدون مجهود فعلي وهذا النوع من العمل من الواضح جدا للعيان انه ما هو الا احتيال صريح بطريقة منظمة جدا وأتمنى من كل من يقرا هذا المقال نشر التوعية لكل من حوله من الباحثين عن عمل متمنيا التوفيق للجميع .